كنت حتى آخر لحظة على غير علم بفحوى الموضوع الذي سأكتبه هذه المرة، فالوقت قصير و الإمتحانات جارية، والتطورات السياسية تأسر الأنظار. دخلت لكي أحضّر كوب الشاي الذي أتناوله يوميا مرتين أو ثلاث مرات، فخطر لي فكرة: لماذا لا تكتب يا رجل عن الشاي؟ حسنا الفكرة كانت تدور في رأسي منذ فترة. هيا إذن لقد حان الوقت و لن أتردد في الكتابة عن هذا الشراب الغامض.
سؤال بسيط: ما هو الشاي؟
يقول البعض “الشاي خمر المؤمنين“. لكن عمليا، إنه الشراب الساخن الذي يتم تحضيره من أوراق و براعم و غُصينات نبتة الشاي التي تُعرف بالإسم العلمي camellia sinensis .. و تتبع النبتة عائلة Theaceae و يعرفها عامة الناس في إنكلترا بإسم Green Tea أو ببساطة Tea فقط ..
أصله من الصين و تشير الموسوعة العربية العالمية إلى أن الشاي لم يُعرف عند العرب في الجاهلية ولا في صدر الإسلام ولا في العصر الأموي ولا العباسي لأنه لم ينتشر و يصبح معروفاً في العالم إلا في القرن السابع عشر وما بعده.
أصناف الشاي
للشاي ثلاثة أصناف رئيسية: الشاي الأسود و الشـاي الأخضر و شاي الأولونج. الأصناف الثلاث ناتجون عن نبتة واحدة، لكن الإختلاف يكمن في طريقة التصنيع. فالشاي الأسود كان بالأساس شايا أخضرا، لكنه أخضع لعملية أكسدة (oxidization) طويلة مقارنة مع شاي الأولونج الذي يُخضع لعملية أكسدة خفيفة. أما الشـاي الأخضر فتُقظف أوراقه كما هي، دون إخضاعها لعمليات كيميائية مبالغ فيها. أضيف إلى هذا كله صنف الشاي الأبيض الذي قد لا تذكره معظم الموسوعات العلمية.
ما نشربه نحن في العادة هو الشاي الأسود (Black Tea)، و إنه لسوء الحظ الأكثر ضررا من بين الأنواع الثلاث لأنه يحتوي على النسبة الأكبر من الكافيين التي تعمل كمحفّز للأعصاب و القلب و الكلى. تعتبر مادة الكافيين أيضا سببا لأمراض القلب و السرطان، و لكن ذلك غير متفق عليه علميا. تعتبر شركة Lipton من أكبر الشركات المنتجة للشاي في العالم.
الشـاي الأخضر (Green Tea) هو الشاي الحقيقي، إذ لا يخضع إلا لعملية أكسدة بسيطة جدا. لهذا ينصح به الأطباء و المختصين. يُزرع في الصين و اليابان و الشرق الأوسط، و يتوفر منه أصناف عديدة قد تختلف من بلد لآخر. هناك نبتة عندي في الحديقة يعرفها الناس في لبنان بإسم الشـاي الأخضر، و قد كنت أظنها كذلك. لكن رد أختي أنيسة في التعليقات يوضح إسمها الحقيقي و شكلها وصنفها …
أما شاي الأولونج (Oolong Tea) فهو من حيث مستوى الأكسدة واقع بين الشاي الأسود و الأخضر، ولن أخوض في الحديث عنه.
كيفية تحضير الشاي
وصلنا إلى الأهم. عادة عندما تزور رجالا كبار في السن، تكتشف أن طريقتهم في تحضير الشاي فريدة. هم لديهم فلسفتهم الخاصة في صنع هذا الشراب. و تراهم لا يستخدموم الشاي المعبأ في أكياس، بل شايُهم دائما تقليدي، و من هنا إقتنعت أن لهم شايهم و لنا شاينا! هلا إقتدينا بهم إذن في صنع الشاي؟ إليكم سر المهنة:
1- لا شك أنك ستشتري نوعية فاخرة من الشاي الأسود في بادىء الأمر، و إلا فلا جدوى من تكملة القراءة.
2- إحرص أن يكون الماء الذي ستغليه نقيّا و غير كلسيّ حتى لا يؤثر على نكهة الشاي.
3- إغل الماء جيدا حتى يبقبق ثم أسقط فيه أوراق الشاي الأسود و اطفىء النار بعد ذلك بثانيتين.
4- دع الإبريق ثلاث دقائق حتى “يختمر” الشاي فيه و تتحسن طعمه.
5- صب الشاي في الكوب و أضف له السكر و اتصل بي :)
حسنا ليس في ذلك الكثير من الأسرار كما رأيتم، لكن هناك نقاط أخرى لابد من معرفتها:
1- لا تسقط الشاي في الماء قبل الغليان.
2- لا تتركه يغلي مع الماء لأكثر من 5 ثواني بعد إسقاطه لأن طعمه سيصبح مرّا.
3- الشـاي الأخضر لا يحتاج لماء ساخن لدرجة الغليان لكي يتم تحضيره.
4- يمكنك أن تضيف نكهاتك الخاصة لإبريقك، إما بإضافة ورقة نعناع إليه، و إما بإضافة ورقة واحدة من عشبة المريمية (تسمى أيضا القصعين أو القويصة أو sage بالإنكليزية) التي صورتها لكم من الوعاء.
في النهاية بالطبع كل منا له في بلده فلسفات خاصة في صنع الشاي. ليتنا نشارك بعضنا الطرق الفريدة التي يُصنع فيها الشاي. ساحة التعليقات مفتوحة أمامكم الآن.